طيف مليحة ... بقلم الشاعر القدير د. خالد الجلاصي

قَصِيدُ: "لِلسَّائِلِ عَنْ طَيْفِ مَلِيحَةٍ" 
 
مَا كَانَ لِلسَّائِلِ عَنْ طَيْفِ مَلِيحَةٍ
فِي رَاحِ مَنْ يَلْقَى فِي رُوحِهَا قَسَمِي 
 
لَو نَاب عَنِّي بِقَوْلِ الْحَقِّ فِي الْحَالِي
مِن عَيْشِيَ المُضْنِي لَوْ زارَنِي أَلَمِي 
 
دُونَ اللُّقَى أَرْجُو فِي قُرْبِِهَا الْحِيلَةَ
فِي تَرْكِ مَا جَادَ الزَّمَانُ فِي النُّظُمِ 
 
مَا حِيلَةُ العَاشِقِ لَوْ غَابَهُ الْغَالِي 
فِي خَلْقِ رَبِّي وَ فِي مِرْسَالِهِ قَلَمِي 
 
فَتِلْكَ مَا كَانَتْ فِي حَالِ مِنْ عَادَهَا  
ضَيًّا و خَيْرٌ الضَيِّ وَجْهُ ذَا كَرَمِ
 
بَلْ فَاقَ حُسْنٌ الْأُنْسِ فِي الْهَوَى نُورًا 
وَ زَادَ عَطْفِي و حُبِّي رِيحُهَا النَّعِمِ
 
قَدْ سَاقَنِي فِي الْمَدَى أَوْزَانَ مَا عِشْتُ 
و دُونَ مَعَادِهَا كَالطِّيبِ فِي الْكَلَمِ 
 
مَا عِشْتُ فِي رَغْدِهَا دُنْيَاكُمُ الْعُمْرَ 
لَوْ لَمْ تَزُرْ حَيَّ قَوْمِي شَمْسُ مَنْ يَهِمِ
 
بِحُسْنِ مَنْ كَانَتْ شَمْسِي و لَا زَالَتْ 
تَهْدِي لِدِينِ الْحَمْدِ صَاحِبَ الْقِيَمِ
 
لَوْ عَابَ مَنْ دَلَّنِي مَخَافَتِي الْبُعْدَ
يُسِرُّ مِنِّي الْهَوَى كَرَامَةَ الْحَكَمِ
 
و الْعَيْنُ مَا خَالتْ لِغَيْرِهَا سَفَرِي 
إِذْ طَالَنِي الشَّوْقُ فِي قِيَامِهَا ه‍ِمَمِي
 
و الْخَيْلُ مَا جَادَ فِي مَطَافِهِ البِيدَ
إلَّا بِمِخْيَالِي فِي رَكْبِهَا دَرَمِي 
 
وَ كِدْتُ مِن عِشْقِي أُفْتِي بُدُورَ السَّمَا 
لَوْ نَابَنِي الْوَجْدُ فِي وَصْلَاتِهَا النَّغَمِ
 
بِالرِّقِ مَا رَاقَنَا فِي عَزْفِ مِن زَارَتْ
مَنَامَنَا و الْهَوَى قُدْسُ الرَّوَى حُلُمِي 
 
أَخَالُ مِن نَجْمِي ثَنِيَّةَ الْحَيِّ
وَ الزَّادُ بَسْمَاتُ مَنْ لِلَحْظِهَا رُسُمِي
 
يَا مَنْ سَأَلْتُ اَلْهُدَى فِي قُرْبِِهَا جَنَّةً
أَبْوَابُهَا رَحَّبَتْ بِالرُّوحِ و الرَّحِمِ
 
أَبْقَى الْعَلِيمُ بِمُقْلِهَا مُرَادَ النَّوَى 
مَلِيحَةُ الْوَصْلِ فِي مَرْضَاتِهَا بُرُمِي 
 
تَفِيضُ رِزْقًا و عَهْدُ الْأُنْسِ فِي الْمَلْقَى 
يُمْنِي فُؤَادِي بِمَا يَشْفِيهِ مِنْ سَقَمِي 
 
لَوْ طَالَ فِي الْأَزْمِنَةِ إِرْثَ مَنْ دَامُوا 
فِي قَلْبِ بَغْدَادِ أَمْجَادٍ نَفَتْ سَدَمِي 
 
و الْقَوْمُ فِي تِرْحَالِهِمْ جَدَا الدَّهْرُ 
بِرِيحِ مَنْ رَافَقُوا الْوَلْهَانَ مِنْ خَدَمِي
 
دَلُّوا مُدَلَّعَ عَيْنِي حَيَّهُ فِي الْحَشَى 
و مَن يُثَابُ مَكَانَ الْقَلْبِ كَالْعَلَمِ 
 
غَيْرَ الْجَمِيلِ بِمَا يُنْسِي جِرَاحَ الْفَتَى 
لَوْ شارَ فِي الْحُمَّى بِحُجَّةِ اللَّقِمِ 
 
أَكَانَ مَلْقَاهُ نَجْمُ الْحُلْوَةِ فِي الْغَدِ 
بِِدُورِ تُونِسَ عِنْدَ حَضْرَةِ العِمَمِ
 
أَوْ بَانَ فِي قَاهِرَةِ الْفَاطِمِيِّ ضَوَى 
بَدِيعَ مَا وَدَّتْ خَفِيَّةُ الزَّلَمِ
 
بِجَفْنِ شَامِيَّةِ الْقَدِّ فِي رِسْلِهَا 
أَنْظَارَ مَنْ أَحْيَتْ فُؤَادَ مَنْ يُقِمِ
 
بَيْنَ الْبُحُورِ و مَا يَنْهَاهُ عَنْ دَارِهَا 
بُعْدٌ و لَا صَعْبُ مَا اعْتَلَاهُ مِنْ سَنَمِ 
 
لَوْ كَانَ خِتْرُ الْهَوَى يُشْفَى بِمَكَّةَ
طَارَتْ بِهِ سُفْنُ الصَّحْرَاءِ بالكَسَمِ
 
وَ مُهْجَةُ الْحَانِي بِمَا نَوَى قَلَّتْ
طُولَ الثَّنَايَا لِنَيْلِي الْقُرْبَ فِي القِمَمِ 
 
إِذْ نُبْتُ مِنْ حَالِي فِي الْبُعْدِ صَبْرًا 
يَزِيدُ إِيمانِي بِالْوَعْدِ يَا رُجُمِي 
 
و عَهْدُ مِنْ زَارَ دَارَ الْحُسْنِ فِي كَلِّهَا 
يُذِيبُ صَوَّانَ أَرْضِي فِي الْهَوَى بِدَمِي 
 
لَوْ أَنَّ أُنْسِي فِي لِقَاءِنَا تُبْقِي 
شَوْقِي لِثَغْرِ الْحِسَانِ طِيبَ مَا فِي فَمِي 
 
وَ السَّيْفُ مَا نَابَ فِي إِقْبَالِهِ غَيْرَ
مَا حَلَّ لِلْغَازِي فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ 
 
وَلْهَانُ مَا عَادَنِي إِلَّاكِ  يَا نَجْمَتِي 
فِي حُلْمِ مَنْ قَامَ فَأَهْدَى اللَّوَى حَسَمِي 
 
لَا عَاشَ مَنْ غَابَهُ الْمُحِبُّ دُونَ اللُّقَى 
و الْوَصْلُ فِي دَارِهَا الدُّنْيَا بِمَا يُدِمِ
 
مَا كَانَ لِلسَّائِلِ عَنْ طَيْفِ مَلِيحَةٍ
فِي رَاحِ مَنْ يَلْقَى فِي رُوحِهَا قَسَمِي 
 
د . خَالِد الجلاصي 
 
22 : 43 
04/05/2021

تعليقات