الغربة ... بقلم الشاعر الراقي محمد جعيجع

الغربة: 
ـــــــــــــــــــــــ 
في غُربَةِ الأوطانِ دَمعٌ يُسكَبُ ... 
مِن شَوقِها مَدٌّ وجَزرٌ يَندُبُ 
لا غُربَةً غَيرَ التي قد عاشَها ... 
المَرءُ بينَ الأهلِ مُرًّا يَشرَبُ 
في ليلِها ونَهارِها مِن حَنظَلٍ ... 
والقَلبُ يَشرَبُ غَيضَهُ ويُواظِبُ 
فقَطيعَةُ الأرحامِ فيها غُربَةٌ ... 
ومَآثِمٌ ومَصاعِبٌ ومَتاعِبُ 
ما بَعدَها مِن غُربَةٍ لا سِيَّما... 
قُربَ الدِّيارِ بما يُسيءُ ويُغضِبُ 
والمَرءُ نالَ ثَلاثَةً ما بَعدَها ... 
إثمٌ يُعانِقُهُ وخَيرٌ يَنضَبُ 
فأصاحِبُ النَّجمَ الضِّياءَ مُجالِسًا ... 
وأبيتُ لَيلي ساهِرًا أتَرَقَّبُ 
أرنو إلى الجَوزاءِ في شَغَفِ المُنى ... 
عَلِّي أرى حَظِّي بما قد أطرَبُ 
فرأيتُ أنِّي مُخطِئٌ مِن نَظرَةٍ ... 
لسَماءِ شَمسٍ والكَواكِبُ تَكذِبُ 
فنَظَرتُ ثانِيَةً وحَدقي شاخِصٌ ... 
لأرى السَماءَ وما بَدا لي كَوكَبُ 
وأعَدتُ جَفني خاسِئًا مِن نَظرَتي ... 
لا حَظَّ تُبدِهِ أنجُمٌ وكَواكِبُ 
وبَصَرتُ ثالِثَةً وكُلِّي لَهفَةٌ ... 
والشَّوقُ يَقطُرُ والحَنينُ يُداعِبُ 
قلبي بوَصلٍ قادِمٍ في غُربَتي ... 
مِن وَجدِهِ سادَ الأمانِيَ مَطلَبُ 
عَلِّي أرى طَيرًا يكونُ بِشارَةً... 
له في هَديلِ حَمامَةٍ ما يُطرِبُ 
بَسَطَ الحَمامُ جَناحَهُ كي أكتُبَ الـ ... 
شَوقَ الغَضا ضَهَدًا وشَوقي يُلهِبُ 
قَلبي مِثالُهُ جَمرَةٌ في مِجمَرٍ ... 
مِن غُربَةٍ تَشوي الفُؤادَ وتَقلِبُ 
تَشوي الفُؤادَ ودونَ حَرقِهِ وَحشَةً ... 
للأهلِ حَولَ صَهيدِها يَتَقَلَّبُ 
وأنا غَريبٌ في دياري بَينَ أهْـ ... 
لي بَينَ أحضانِ الأسى مُستَغيَبُ 
فكَتَبتُ شَوقي في جَناحي زاجِلٍ ... 
بدَمي برِيشَتِهِ وما له مَخلَبُ 
وكتَبتُ للأخبارِ أشواقًا على ... 
جَنَباتِها يَزهو الحَمامُ ويَلعَبُ 
ـــــــــــــــــــــــ 
محمد جعيجع من الجزائر ـ 17 سبتمبر 2022

تعليقات