( من أين لكِ هذا. ! )
___________________________
كنت أجلس مع صديق لي أمام محله، كنا نتحدث بالسياسة
إحتد الرجل وهو يتكلم، لم اشاهده بهذه العصبية من قبل.
تحدث عن الفساد الذي ساد بالعالم الثالث.
صديقي هذا بالأصل صوته أجش جهوري، وأخذ يصرخ بعصبية عن ما وصل إليه حال الأمة.
إغلظ صوته، واخذ الشرار يتطاير من عيونه، نفرت عروق رقبته، وتصلبت عضلات وجهه، وراح يلعن الفاسدين المفسدين، ويصرخ:_
لو الحكم بيدي، سأرفع بوجه الواحد منهم شعار(من اين لك هذا! )
فجأة، وبدون مقدمات، هدأ الرجل، وكأن احداً صب على راسه ماء باردًا.
سكت عن الكلام، المباح وغير المباح، غاب هياجه وعصبيته وانقلبت خلقته وتحولت للنقاء، ومال وجهه للصفاء، ثم إبتسم وقال:_
وهذه المخلوقة ايضا لا بد ان تُسأل:_
من أين لكِ هذا!
يخرب بيت أهلها، ماهذا الجمال!
نظرتُ للمكان الذي اشار اليه، اووووه. سبحان من خلق.!
صبية نُحتت من الفتنة،فعلا لم أشاهد هكذا جمال.
قال لي:_يا أبو العبد.. إسالها. من أين لكِ هذا!
أُكتب عنها. أكتب يا رجل... أكتب...
ضحكت ووعدته أن أكتب ردًا عن تساؤله...
من أين لك هذا!
_____
من أين لكِ هذا!
(عقارب الساعة.... 🕕عند الغروب...
في وقت الغسق..)
_
أشعة في نسق..
جاءت من حواري الجنة..
مرت على الشفق..
إنتزعت منه لون الحنة..
نزلت من الفضاء على طبق..
فلقّحت الأرض بالجمال والألق..
فتشكل بالمعمورة.. ما يسمى (الجمال). فللّه المنّة..
والجمال وجد ضالته، فصبّ حمولته عليها، واندلق..
والقصة يا سادة، فيها إنَّ!
_______
(عند الليل.🕗
وقت العتمة والسدفة والفحمة والزلة والزلفة والبهرة..)
-
جاء الليل وزار الفاتنة بالمهد..
فحنى بظلامه عليها، وكحل أجفانها بالوجد.
واستحمت بماء الورد..
واستقام القد، وقام من غفوته النهد..
والشفق صبغ بحمرته الشفة والخد..
وحبا القمر إليها من فوق السهل، ومن فوق الجرد..
ليرسم على ثغرها، إبتسامة سعد..
______
(عند السّحر..🕔)
_
هرع السنا لعيونها، ليخط لها الرموش.
وهجّت الطيور إليها، تاركة العشوش..
والفراشات غزتها، كأنها؟ كتائب جيوش..
وراح الحب يرسم قلوبًا من لحظها فوق الوشوش.
وقامت القيامة لشفتيها، وهدت العروش..
____
(عند الفجر🕠)
_
هرول ضوء البلجة قادمًا من المدى.
ليرش عليها ما قطفه من الندى.
والكون ردد رجع الصدى..
لما همست للقمر، فانخرس الرعد..
وراحت تتدرج بدرب التبانة، كأنها طير أبا سعد..
ثم تمرجحت فوق قوس قزح، فكان الرد..
تشكل أكاليل الغار، من أوراق الورد..
فقامت قيامة المهد..
واحمر لون الخد..
لم تجرؤ الطبيعة على الصد؟
بالله ماذا بعد!
_____
(عند الصبح🕕)
_
حبا السحر على وجنتيها، فاخضوضبت حُمرة..
وهب النسيم اليها حاملا سحره..
والفراشات راحت منها تنتشي خمرة..
ومع تباشير الصباح، سكب الخضل على جسدها عطره...
وراح يعبيء لوجدها حبره...
واستنفر الغصن على قدها ليخط لها سطره....
من هنا بدأت تكتب القصائد، ومن أول شطرة...
وراحت الحروف تتجه لجمالها شطره..
وتسابق الشعراء للجمال، والكل يتابع إثره..
_____
(عند الظهيرة والرواح..🕝)
__
مال غصن قصب السكر، ليرضعها منه القطر.
وعاد نايا حزينا لما فارقها، نقطة ومن أول السطر.
وسكب عبق الزهر على جسدها المنحوت بالعطر..
ثم مالت الشمس، وتركت كبد السماء ولفتها بالسحر.
فاكتسبت الصبية الدفء، فصارت شفتيها جمر.
ثم اقتربت من قنديلها فراشة تعشق السهارى..
احتدت الشمس غيرة، فاغتالت ضوء القنديل نهارا.
واحترق جناح الفراشة عشقا بها، جهارا..
_______
(في العصر🕒 والقصر والاصيل والعشي..)
_
هبت نسمة صبا، فعلمتها التثني.
كما غرد البلبل، ولقحها الكلام، وقال:_"تمني..
وهنا بهذه اللحظة، زارها الربيع بغير أوان.
فاستقبله صدرها، فنضج وضج زهر الرمان..
وراحت تهز الخصر، في غنج وخفة.
ومرت أمامنا.. وبمجرد أن أبعدت العفريتة شفة عن شفة.
أصبحت ألكون على شفى حفة.
واصبحت كل النساء بكفة.. وهي وحدها بكفة.
__
هل علمت يا صديقي
من أين لها هذا!
___
نظير راجي الحاج
تعليقات
إرسال تعليق