فسحة الأمل ... بقلم الشاعر الراقي علاء العتابي

فسحة الأمل 
خيطت سنين عمرها ببلسم الصبر.
و زرت عثرات حضها بدبوس ضنكه الفقر.
ولملمت جراحات العمر بلاصق الهجر.
وعدت ارقام أيامها بلوعة النسيان المستمر
طوتها جميعها بورقه نقديه بآلية أخفت أطرافها تحت ثوب عبائتها والخجل والخوف يمشي أمامها في طابور رغيف العيش المتعثر.
ونية الشراء تحاول سحب اطراف عبائتها بعزيمة المتقهقر المنكسر.
الجوع يدفع عزيمتها نحو شباك بائع الخبز المستتر.
تنظر بعين الرحمة لجميع المتبضعين وتدعوا لهم بطيب العيش من قلب منكسر.
 يخاف الله في يوم الحشر.
فما الفقر والعوز ألا ضيوف الرحمن فوجب عليها احتضانهم مهما كبر حلمها أو صغر.
وهل تظن بالرحمن ينسى جنوده بغير معاش و آجر.
فمهما طال الاملاق فلابد من يوم يسر.
تسمع من خلفها رجلًا يهمسها همسا، أمي لقد أسقطت من يدك هذه الفئة النقدية الجديدة بالنشر
خمسة ومعها عشرة الاف تسر من نظر.
ولكن يا بني: عمري يركن مابين بنصر و خنصر وابهام كفي الأيسر.
هي لا تعلم فسحة الآمل هبة الرحمن لمن عاز وفقر.
فمن حنن قلب هذا الرجل بإهدائها هذه النقود بالستر.
فما لحلاوة الصبر غير العسل المصفى والمستقر.
آبت كرامتها أن تأخذ من يده ما همس لها وقرر.
فذهب مسرعا الى بائع الخبز المحمر.
هذه أمي قد سبقتني باعداد فطوري المقرر.
فقد حان وقت انصرافي الى موعد دوامي المتأخر.
أعطها خبز بالف دينار وأرجع لها ماتبقى مِن ورقة تقودها الخمسة عشر.
لم يكذب البائع الخبر
فأخذ منها عملتها النقدية وأكرمها بكيس فيه من الخبز ما يكفيها شهر.
ووضع بيدها تلك الخمسة عشر.

علاء العتابي

تعليقات