مقال .. عندما تتحدث اللعنة بقلم د. غادة ناجي طنطاوي

عندما تتحدث اللعنة..

د. غادة ناجي طنطاوي، Ghada_tantawi@

في العصور الوسطى، ظهر مصطلح شاع ذكره بين الناس، الأسلمة والمتأسلمون، ومعناه الحقيقي يدل على فئةٍ اعتنقت الإسلام فكرًا سائدًا ليس إلا..!! وحتى العبادات كانت تُؤدى من باب الواجب فقط بعيدًا عن الروحانية التي تميز بها هذا الدين عن سائر الأديان.

لكن حاليًا دعوني أخبركم عن مصطلح أسميه بظاهرة الأصدقة..!! فئةٌ تافهة، شوهت معنى الصداقة وجوهرها الأساسي، وأصبح سؤالهم عنك من باب الواجب فقط، اتقاءً للشبهات ودفعًا للقيل والقال..!! أفقدوا الصداقة جوهرها الحقيقي، وأصبحوا كالفراش الأعمى الذي تجذبه حرارة النار فقط ليحوموا حولها، وبمجرد أن تتحول إلى رماد ينفض عنك موكب الفراش باحثًا عن مصدرٍ آخر للحرارة.

قضيت من عمري سنوات وأنا احتضن وجع هذا.. أطبب ألم ذاك، أواسي جرح فلان واشدد من عضد آخر وقت الشدة، حتى أصابني المرض، لأجد نفسي وحيدة، ليس معي إلا الله، يسمع شكواي، ومحكم تنزيله يخفف ألم وحدتي.

قررت النهوض وحيدة من تلك الأزمة التي أفقدتني ثقتي في الكثير من حولي، وجعلتني أرى وجوههم الحقيقية بعد أن سقطت كل الأقنعة الكاذبة والشعارات المضللة..!!

اتخذت لنفسي مسارًا جديدًا بعيدًا كل البعد عن خباياهم المظلمة ومبادئهم الكاذبة، بدأت رحلة جديدة للبحث عن ذاتي، ودعوني أخبركم بأن رب ضارةٍ نافعة.. رأيت الحياة بمنظورٍ جديد عندما تغير مفهوم الحياة في نظري، تيقنت أنه ماحك جلدك مثل ظفرك، ألمك لن يشعر به أحد غيرك، وكربك لن يساندك فيه سوى يقينك بالله وحسن ايمانك. عدا ذلك كلامٌ فارغ نظر به البعض فترة طويلة ليعطوا لأنفسهم حق الدخول إلى حياتك لمعرفة كل شاردة وواردة فيها.

والمضحك وسط ذلك كله، بأني ما ان اشتد أزري وعاودت الوقوف وحيدة حتى رجع كل المتأصدقون هرعًا لحياتي، ليس من باب المحبة بل من باب الفضول فقط..!! وأصبح جل ما اقوله أو اقوم به مجالًا لسخريتهم اللاذعة، أسهمًا يتداولونها في وقت فراغهم من باب التسلية فقط..!!

كم هي غريبةً تلك الحياة..!! رب شخصٍ لم تلده أمك يكن لك أخ ذات يوم.. ورب هذا الأخ ذات يوم يتحول إلى ألد أعدائك..

أعزائي المتأصدقين.. وجودكم حولي لا يضايقني.. بل بالعكس، في بعض الأحيان أحتاج لبعضٍ من تفاهاتكم لتضحكني في أيامي الصعبة.. فلا تدع عزيزي القارئ فئة الأصدقة والمتأصدقين تزعجك واعتبرها وسيلة ترفيه، أكوامًا من الحصى تضعها تحت أقدامك لترتقي عليهم.

كفاكم الله شر لعنة المتأصدقين عندما تتحدث.