اِغْتِيالٌ العِفَة
بقلمى سَكِينَة حَسَنٌ الشَّرِيف
مِصْر
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
خَمْرِيَّة اللَّوْن . . مكتحلة هَيَّا عيون المهى .
الْعَوْد مَشْدُود كعود الزان. . . .
تَلَبَّس خفين مِنْ فِضَّةٍ مُرَصَّعٌ بِأَحْجَار كَرِيمَة . . . تَتَمَايَل بفستانها الْحَرِير القرمزى اللون كعود البان...
تتباعد وتتناثر عَلَيْه طُيُور النورس وتتشابك مَعَهَ زُهُور الْخَوْخ . . . كَانَت تَرْقُص مغتالة
بَيْن أقرانها ويشتعل جَسَدِهَا حيوية وَأُنُوثَة ٠
يَتَزَيَّن مِعْصَمِهَا بأساور وَكَان أُنْبُوبَة ألوان بِهَا اِنْدَلَعَت . . . .
الْقَرْيَة بأعضائها الْبَيْضَاء الَبريئة تهرول مِن أجلها مبعثرة أَفْرَاح فيِ أَرْجَائِهَا . . وَتُحْمَل لِلْعَرُوس فِى كَهْف أضلعها حَبَّات لُؤْلُؤ مَنْثُور مِنْ الْحَبِّ . .
كَبِرَت عروسها فِي رَبَّاهَا وَتَرَعْرَعَت فِيهَا أحلامها
يَقْفِز مَاء الْبَحِيرَة لمحياها ويمتلئ بِالْحَيَاة
نَضِجَت عروسنا وَأَصْبَحَت مُجْهِزَة لموسم الْقِطَاف . . .
جَاءَ مِنْ يَقْطُف الثِّمَار الْغَضَّة حُلْوٌ الْمَتَاع والمزاق . لَطِيفٌ الْمَحْيَا حُلْوٌ الْعَارِضَيْن
وَاثِق الْخُطَى . . . . يَخُطّ للمحراث سِكَّة وَطَرِيق
يَضْحَك الْفَأْس طَرَّى الصوت بَيْنَ يَدَيْهِ . .
ارْتَضَيْتُه الْعَرُوس رَفِيقًا وحبيبا حانيا . . .
اِرْتَدَيْت فُسْتَانَهَا الْأَبْيَض وتاجها الْمَزْرُوع بحديقة زهور فِى مَطْلَع الرَّبِيع
وَهَا نَحْنُ رَأَيْنَا الفَارِس الريفي بصولجان خَيْلَه
تَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ الْعَوْد وَالنَّعْنَاع
يَنْزِلُ مِنْ عَلَى صَهْوَة جوادة سقوطا هادئا فِى صَدْرِ هَذَا الْمَكَانِ المضج بِأَصْوَات زغاريد
عَلَى اسْتِحْيَاءً مِنْ نِسَاءِ تَخْفَى فِيهَا بِكُم حَيَائها
دخلت بَيْتِهَا الْجَدِيد عَرُوسًا مرصعةبالذهب تَفُوح منها رَائِحَة الزُّهُور والقرنفل . . وزيل فستانها يَتَمَايَل بَيْن أَخَوَاتِهَا وصديقاتها
وتتدافع النَّاسِ إلَى مُنْتَصَفِ الدَّائِرَة
إستحرت الْعَرُوس زحام الْخُطَى
وَدَخَلَت بَيْتِهَا الْمُجَهَّز
مَع وِدَاعَ مَنْ الْأَهْلِ بِأَصْوَات لَهُ شَكْلٌ عَنَاقِيد الْفَرَح الحزين لفراقها وَأَصْوَات تبتز جِسْمٌ الشَّارِع مُنْتَظِرِين
عَلَامَةُ طُهْرِهَا وعفافها
وَبَعْد بُرْهَة وَإِذَا بالفارس يَتَحَوَّل لِحِمَار خشبى وَيَخْرُج للأهل الْمُنْتَظِرِين بِشَغَف بَيْن أصابعه كَلِمَات بِلَا لُغَة . . . يدحرجها بِصَمْت فَوْقَ جِدَارِ فَضَاء أَهْل الْعَرُوس الْمُنْتَظِرِين بِشَغَف . .
مُطْلَقًا بسيخ رَصَاصَة فِى صَدْر أَخِيهَا
أَن أُخْتَك الْحَسْنَاء عَوْد الزَّان خَمْرِيَّة اللَّوْن
.......لَيْسَت عَذْرَاء.......
وَانْتَصَب الصَّمْت وَضَرَب سَّيْف العار رِقَاب الْخَلْق وطمثت أَصْوَات النساء . .
وبوق مِن الشَّائِعَات يُسْرَى كَالرِّيح الْمُرْتَدَّة تَحْمِل فِى طياتها رِيح العفن . .
يَجْلِس أَخِيهَا الشَّابّ المتوعك القرفصاء عَلَى حَافَّةِ الْوَقْت .
يطلق سُيلا مِن الصرخات تَذْهَبُ بِهَا الرِّيَاح
لِأذْن الْعَرُوس الخمرية ليندس بَيْن نتوئات أَفْكَارِها وَهَى تَجْلِسُ عَلَى أرصفة خَوَّفَهَا المختبئ مَاذَا يُحْمَلُ لَهَا قَدْرِهَا . تٌطْلُق رَصَاصَة مهرولة فِى عُمْقُهَا فَتَرْتَدّ قتيلة
وَإِذَا بِأُمِّهَا المكلومة الَّتِى زرعت وَأنْبَتَت مِن ريها وحصدت أَجْمَل عَرُوسٌ هَذَا الْكَوْن
تتمالك وكلها ثقة بإبنتها ..
تَسْتَدْعِي طبيبا من فَوْرِهَا وَيَخْرُجُ مِنْ بِرِدَّتِه الْبَيْضَاء اللَّوْن بِرَأْئة العروس وَيَخْرُجُ مِنْ نَافِذَةٌ حَلْقِه كَلِمَات متحجرة حَسْرَة وَالَم
مُقِرًّا ببرائة الْعَرُوس ونظرات مَتَحَجِّرَةٌ يَرْمُق الْحِمَار الخشبى وَالصَّدَأ المرشوش عَلَى عُتْبَةَ عَقْلُه . .
طَال الصُّرَاخ وشدوا عَوِيل فُسْتَانَهَا الْأَبْيَض الْمِخْضَب بِدِمَاء عِفَّتِهَا . .
أَلْقَى أَخِيهَا جِسْده جاثيا تَحْتَ جِدَارٍ جُثَّتِهَا وغصنها الْمَكْسُور مُطْلَقًا رَصَاصَة الرَّحْمَة إِلَى رَأْسِهِ لِيَرْتَاح مِن نتوئات الْعَذَاب والحصرة . . . تَمَّت
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
سَكِينَة حَسَنٌ الشَّرِيف
تعليقات
إرسال تعليق