أبناء الضياع
الحدائق الغناء تزدهي دائماً بورودها الجميله التي تنشرُ شذاها وعطرها الفواح في كل مكان ، والبساتين الورافة الظلال ننعمُ بثمارها الطيبه ، ولكن كيف للورود أن تكون عطِره وكيف للثمار أن تكون طيبة وحلوة المذاق إذا لم تجد من يرعاها ، فالورود الجميله والثمار الطيبه بحاجة للمياه النقيه لرّيِها وللسماد الطبيعي الذي يساعدها على النماء والإزدهار ، وكذلك الإنسان هو كالثمره أو الورده ، فكيف سيكون إنسانا سوياً وصالحاً لمجتمعه إذا لم يجد الرعايه والعنايه من أسرته ومن مجتمعه .
ما أنا بصدده هو ما نراه من ظاهرة منتشرة في كل مجتمعات العالم عامه وفي العالم الثالث خاصه وهي ظاهرة اطفال الشوراع الذين يكونون عرضة لأن يكونوا مجرمين بدون ذنب لإهمال أسرهم ومجتمعاتهم لهم ويكونوا بعد ذلك عرضة للمحاسبه .
فمن هو الطفل بدايةً ، فالطفل هو كلُ من لم يبلغ سن الرُشد أي لم يتجاوز عمره الثامنة عشر عاماً فهو طفل وقاصر ، والقاصر هو الذي بحاجةٍ إلى الرعايه وإلى من يوجهه إلى الطريق القويم ، وأطفال الشوارع وحسب تصريح من الأمم المتحده يزيد عددهم عن مائة وخمسون مليون طفل .
إن إنتشار هؤلاء الأطفال في الشوارع بدون حسيب ولا رقيب عائدٌ لأسباب كثيره وأهمها التفكك الأسري الذي يصبح فيه الطفل موضعُ نزاع بين أمه وأبيه ، وتصلُ الأمور إلى أن يصبح مُلقىً في الشارع ، وخاصةً إذا كان الوضع الإجتماعي لهم سيئاً وهذا عاملٌ آخر للتشرُد ، ومن العوامل الأُخرى ابناء الزنا ( اللُقطاء ) . فهذه الشريحةُ من المجتمع هي أرض خصبه للإنحراف ، تقعُ بين أيادي أُناسِ لا ترحم ولا يخافون الله ولا تهمهم إلا مصالحهم الدنيئه ، ويكون الأطفال هم موضع إستغلال وخاصةً أن الطفل عباره عن صفحةٍ بيضاء يعلقُ فيها كل ما يشوبها من شوائب ، وهو في هذا السن لا يميزُ بين الغث والسمين ، وخاصةً أن معظم هؤلاء الأطفال لا يكونون ذوي ثقافة ولم يكن لهم الحظ في التعليم والدارسه ، فيتم إستغلالهم في أعمال منحرفه في عالم الجريمه من سرقات وسطو مسلح ودعاره وتجارة مخدرات وتنظيمات إرهابيه ، وفي أعمال كثيره لا تتناسب مع مراحلهم العُمريه .
لكن السؤال الذي يطرحُ نفسه ، كيف لنا أن نعالج هذه الظاهره بل الآفه وننقذ هؤلاء الأطفال ، فالأطفال احباب الله وقد قال الله عز وجل : ( المال والبنون زينةُ الحياةِ الدُنيا والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخيرٌ أملاً ) .
لا بد للحكومات أن تقوم بخطواتٍ للحد من ذلك ، لوقف هذه الظاهره والتخلص منها ومقترحاتي هي كالتالي :
أولا : القيام بعمل مؤسسات تتابع أمور هؤلاء الأطفال مع أسرهم ومعرفة أسباب تشرُدهم ، ووضع القوانين الملزمه والصارمه على الآباء بالحفاظ على أبنائهم مع متابعة الأمر دائما ومن لا يلتزم يكون له العقاب الرادع
ثانياً : توفير نظام إجتماعي يحفظ فيه كرامة الطفل ويُبعده عن أخطار المنحرفين ، ويكون هذا النظام عاماً لجميع الأطفال وخاصاً للأطفال الأيتام ولأبناء الزنا ( اللُقطاء ) الذين فقدوا آبائهم ولم يجدوا من يعيلهم وتقطعت بهم السُبُل ويكون لزاماً على الدوله تأمين مقومات الحياه لهم حتى لا يشذوا عن الطريق
ثالثاً : إنشاء مراكز إيواء لهؤلاء الأطفال تكون مهمتها التعليم وتوفير مهن شريفه لهم عندما يصل عمرهم إلى سن الرُشد
رابعاً : متابعة الأطفال الذين يعملون في مهن صعبه ويُستغلون من أرباب العمل ، ولا تتناسب أعمالهم مع اجسادهم الغضه
خامساً : إنشاء مراكز إرشاديه لدراسة الحالات النفسيه والإجتماعيه للأطفال ووضع الخطط المناسبه لعلاجها
سادساً : من الناحيه الإعلاميه تسليط الضوء على هذه الشريحه وزيادة الوعي في المجتمعات من خلال القنوات الفضائيه والصحف ووسائل التواصل الإجتماعي ، ووضع الحلول المناسبه للتخلص من هذه الآفه
وخلاصة قولي ، أود أن أقول أن الأطفال هم اللبنه الأساسيه في كل مجتمع ، وهم الجيل الذي على عاتقه تقوم الأمم والمجتعات القويه ، إذا أحسنوا التربيه وأحسنوا البناء والإعداد ، وعلى الدول أن تضع في مناهجها التربويه مناهج تتعلق بالتركيز على الطفل وعلى حفظ كرامته وحقوقه ، فليس الفقرُ عيباً أو حجةً أيُها الأب أو أيتُها الأم لتلقوا بأبنائكم في الشوارع ليكونوا عُرضةً للضياع ، وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاقٍ نحن نرزقكم وإياهم ) فإنكم عندما تلقوهم إلى الشوارع كأنكم قتلتوهم وقتلتم أنفسكم ، ولات حين مندم
نسال الله السلامة للجميع ، وعلى الله فاليتوكل المتوكلون
صخر محمد حسين العزه
عمان – الأردن
18/12/2020
تعليقات
إرسال تعليق