الشرفة المقابلة// محمد كامل محمد

 الشرفة المقابلة

تتحرك عقارب الساعة متباطئة وكأن حبل يقيدها، أطارد الدقائق الغافلة، ضوء خافت ينبعث من غرفتى، أقف خلف النافذة، أحدق في الشرفة المقابلة لغرفتى، أستجدي مرور الوقت المتثاقل، أعلم ميعاد ولوجها إلى حجرتها، أراقب عن كثب حركة الشارع الفاصل بيننا، ترتفع أصوات الباعة الجائلين ويتخللها أصوات نفير السيارات الذي لا ينقطع.

تدق الساعة الثامنة فأصوب بصري جهة شرفة حجرتها، تتداخل الأفكار في رأسي، أتخيلها أمامى فأتذكر لحظة أصطدامى بها عند مدخل الشارع، سقطت حقيبة يدها على الأرض، وبحركات بهلوانية سريعة ألتقطها وقدمتها إليها 

ً معتذرًا، مذ ذلك الحين ونظراتها الهائمة لم تبرح خيالي، أقتفى أثر الساعات وأطاردها، فالدقائق التى ألمحها فيها من النافذه الصغيرة تبعث الحياة بداخلي.

ً وأخيرًا أضاءت مصابيح الحجره الخافتة، ولجت إليها متسللة، وبدأت في ممارسة طقوسها الَمعتادة، ألمحها من خلال النافذه المواربة، تخلع عنها فستانها الأزرق الشفيف، فيتلألأ جسدها الأبيض الرقيق ويشع ضياءً يملأ

المكان، يتحرك بأنسيابية أسفل قميصها الأسود، تدير أسطوانة الأغاني المفضلة لديها، ويتمايل جسدها طربًا، ينخلع قلبى هيامًا في عالمها الحالم، أهيم في سحر موسيقها العذبة  ورقصاتها المشتعلة.

ينفصل عقلي عن العالم المحيط بي، تخترق أذني دقات قلبها المتسارعة، وفجأه تلتفت نحوى، فترتعد مفاصلي ويتصبب العرق من جبيني، ألوذ فارًا بعيدًا عن النافذة، تستكمل وصلتها الخيالية الدافئة، تسدل الستائر وتنطفئ الأنوار المشتعلة.

أرقد في فراشي وأغمض عيوني، ولكن صورتها وهى تتمايل أمامي بعذوبه لا تفارق خيالي، أحتضنها بذراعي وأغط في ثبات عميق، صباحًا ألمحها تعبر الطريق، ترمقنى بعينيها الساحرتين، تلقى أبتسامة عريضة وتواصل سيرها.

محمد كامل محمد

مصر

تعليقات