المخادع الماهر
ناصر هو الرجل الذي يعمل عند الحاج سعيد منذ نعومة اظفاره وكلاهما - ناصر والحاج سعيد - لايطيق كلاهما الآخر.. ولكن حاجه الحاج سعيد لناصر هي التي تمنعه أن يفرط فيه لانه أكثر تفهما له.. ولكن لا يمنع انه يضيق به - احيانا- ولايتمالك نفسه عند غضبه في طرده شر الطرد وقد يفهم الشاهد لواقعه الطرد أنه قد تخلص منه نهائيا وماهي الا بضعه ايام حتى يحث الرجل ابنه نشأت علي أن يسعى لإعادة ناصر للعمل دون أن يخبره أو يخبر اي احد انه وراء هذا الأمر حفاظا على مكانته أمام الناس كصاحب عمل.
يشعر ناصر أن صدره قد بدأ يأن من ثقل الأحداث والمواقف التي عاشها في فترة عمله عند الحاج سعيد لدرجة انه كلما جلس اليه اي احد يتحدث معه حديث انسان يعرفه منذ سنوات طوال رغم حداثة التعارف ولكنه يتحدث فقط ليخفف عن نفسه ثقل هذه الأحداث والمواقف.
ويتميز ناصر من بين العاملين عند الحاج سعيد بأنه أكثر فهما له ويمكنه إذا شاهده عند حضوره للعمل بأن يهمس لزملائه في العمل أن الحاج سعيد ليس على مايرام اليوم ويحذرهم بالا يتحدث إليه اي احد منهم في أي طلب له وقد حدث أن أحد الزملاء قد تجرأ وطلب زياده راتبه الشهري فهاج الرجل وثار وبالطبع رفض طلبه.
يروي ناصر أن الحاج سعيد في بداية حياته كانت يتاجر في الأقمشة ولكنه ذات يوم أثناء زيارته لأحد تجار المواد الغذائية وجد إقبالا شديدا على الشراء منه الأمر الذي تولدت لديه الفكره أن يستبدل تجارته بالاتجار في المواد الغذائية رغبة منه في المزيد من الكسب.
ولأن الحاج سعيد لديه مهارة مميزة في التاثير على المرأه فقد تمكن من أن يستاثر باهتمام زوجة هذا التاجر - التي تشغل وظيفة السكرتيره - لدرجة أنها كانت تمده بالبضاعه التي يحتاج إليها من مخازن زوجها دون علمه.
وقد جاء لزوجها من يهمس إليه بما تفعله زوجته في الخفاء دون علمه ولكنه لم يصدق بل لعله لايريد ذلك. إلى أن جاءه اليوم الذي وجد فيه الشكوك تتراقص أمام عينيه في سخرية وتهكم وذلك عندما أخبرته انها تحمل مولودا منه..!
وهنا اشتد الحوار بينه وبينها في إدانته لها وهو لم يعد قادرا على الإنجاب وانكارها لهذه الإدانة.. الرجل ضعفت قواه ولم يعد قادرا على مواجهتها والتصدي لها وبعد قليل سقط الرجل من الطابق العاشر الذي يقيم فيه ومات على الفور بينما أطلت الزوجه من الشرفة تصرخ بأعلى صوتها وهي تبكي انها لم تتمكن من إمساك زوجها عند سقوطه.
وفي سرية تامة اتصلت الزوجه بالحاج سعيد تخبره بما حدث فطلب منها الحضور واستاجر لها شقة تقيم فيها مؤقتا ريثما تهدأ الأمور.
ومن ناحية أخرى كانت شكوك زوجة الحاج سعيد قد بلغت أقصاها فلجات إلى حيله تجعل ناصر يأتي إلى بيتها ليشتري لها بعض احتياجات البيت وحاولت جاهدة أن تعرف منه ما قد يغيب عن بالها من تصرفات زوجها ووعدته لن تخبر احد عما يقوله لها بالإضافة إلى إعطاءه بعض المال له.
وناصر بطبيعته لايقوي على كتمان اي سر في نفسه فسرعان ما أفرغ مافي جعبته وبعدها يتذكر ما اوصاه به الحاج سعيد الا يفشي أسراره لأي أحد مهما كان وشعر بفداحه مافعله عندما وجد زوجة الحاج سعيد تبكي بشدة وتتحدث عن احساسها بالندم من أنها تزوجت من هذا الرجل رغما عن رغبة أهلها.. وأنه قد سلبها كل ماتملك ولم تعد تملك شيئا على امل ان يسدد ديونه ويستقيم حاله.
ولم تجد المرأه أمامها سوى أن تذهب إليه في مقر عمله لتواجهه بكل شكوكها وما علمته من اخباره وتصرفاته وسلوكه المعوج..
وهناك استقبلها الرجل بأسلوبه المؤثر واستطاع بمهارته الفائقة في احتوائها ليس هذا فحسب بل واقناعها بأن كل شكوكها وما علمته من اخباره هي اشاعات تطارد اي تاجر لتفسد تجارته وتحبط سيره.
ولم تجد الزوجه أمامها سوى أن تعود إلى بيتها وان كانت لازالت الشكوك قابعه في داخلها ولكن لاحيله لها ولا تملك دليلا واحدا..!
ناصر يتميز ببراعة فائقة في التستر على الحاج سعيد وإخفاءه وإنكار وجوده عن أصحاب الحقوق لتراكم الديون على الحاج سعيد لدرجة انه حدث يوما ان جاءه من له حق عند الحاج سعيد ووجد سيارته أمام مقر عمله فاخبره ناصر أن الحاج قد شعر بتعب شديد استقل سياره أجرة وترك سيارته وعاد إلى بيته....!
وذات يوم تزاحم أصحاب الحقوق أمام مقر عمل الحاج سعيد فأقبل عليهم ناصر بصوت عال وأنكر تجمعهم وأخبرهم أن الحاج سعيد قد استلم شيكا بمبلغا كبيرا وذهب إلى القاهرة لإصلاح خطأ به واخبرهم كل من له حق سوف يستلم ماله بالكامل دون نقصان...!
وذات يوم عرض على الحاج سعيد احد أصدقاءه الذي يعمل في مطعم شهير تغيير نشاطه الي مطعم للأسماك واللحوم وأخبره انه له علاقات كثيره بالعملاء المميزين وان ذلك من شأنه نجاح هذا المشروع.
وبالفعل أعد الحاج سعيد المكان ليكون مطعما مناسبا وساعده في ذلك صديقه الذي وعده أن يبذل مافي وسعه لإنجاح المشروع بتخصيص وتكثيف خبراته العملية فضلا على علاقاته بالعملاء ورجال الأعمال.
وبعد أشهر قليلة اشتد الخلاف بين الحاج سعيد وصديقه لأن المطعم لم يجد الرواج المناسب وكثرت شكاوى الجيران من رائحة العفن من اللحوم والأسماك التي تنبعث من المطعم نتيجة تراكمها وتخزينها لفترات طويلة.
ولاشك ازدادت الديون وتراكمت أكثر من ذي قبل علي الحاج سعيد الأمر الذي كان يسعى لتكرار اختفاءه عن الأنظار وملاحقة أصحاب الحقوق ويساعده في ذلك ناصر ببراعته وفطنته وسرعة بديهته.
وأثناء ذلك قام ناصر ليرد على الهاتف وبجواره يجلس الحاج سعيد فسأله المتصل :الحاج سعيد موجود ياناصر
أجاب ناصر :ابدا غير موجود..!
تعليقات
إرسال تعليق