. أنا من بلد الحلوين
. انا من بلد....أسمه سورية
من مطالعاتي الجميلة
كان يا مكان..
كانت الجدة تحكي الحكايات وننام بحضنها..
كان الأب لما يرجع المسا من الشغل نركض نستقبله وكأن عندنا عيد..
كنا نحب بعضنا..
هاد البيت طابخ ملوخّية ..
وهاد البيت عم يقلي بيتنجان ..
وريحة الخيار يعني سلطة ..
وريحة البصلة المقلية يعني مجدرة برغل بعدس
والسمك شارح حالو لحالو ..
ودبح الجبسة والبطيخة فضيحة.. وبتوصل ريحتها لاخر الدنيا؟
أنا من بلد كان القمر فيه بالصيف يعني سيران ..
وكل عرس يعني تلبيسة ..
وكتب الكتاب يعني ملبس.
أنا من بلد الأمن والإيمان
إذا الإيمانُ ضاعَ فلا أمانٌ
ولا دُنيا لِمَن لم يُحيِ دينا
انا من بلد كانت أمي تقول :
يا بنتي “ غسلي وجهك لأنك ما بتعرفي مين بيبوسو،
وكّنسي بيتك لأنك ما بتعرفي مين بيدوسو”
وأبي يقول :
“جارك أخاك .. إذا ما شاف وجهك بيشوف قفاك”
انا من بلد لما بيندق فيه الباب منتحذر بين بعضنا مين وبنقول: يا ترى مين إجانا؟
هاي نقرة الجارة أم علي.. سريعة وقصيرة،
هاي دقة عمتي فاطمة.. ناعمة وخفيفة ..
هاي خبطة ابن الجيران ببوز صباطو ع الباب ..
وهاي خشخشة المفاتيح ..
وإذا كانت النقرة غريبة نقول إجانا ضيف والضيف ضيف الله..
انا من بلد.. الأساور الرفيعة والمبرومة والحيّة.
انا من بلد كاسات الليمون الجامد، والتمر الهندي، و”الكاظوظة” الأورانج والكولا والقمردين.
بلد الفول بطحينة كل أيام الجمعة، والمعروك والسوس عافطار رمضان.
انا من بلد السعد والسعادة
ولستُ أرى السعادةَ جمعَ مالٍ
ولكنّ التقيَّ هو السعيدُ
أنا من بلد كل شي بيصير فيه بيستاهل يكون خبريّة :
ولدت القطة،
فتّحت الفلّة،
نزلت العوجة،
فّتح زهر نيسان.
وزقزقت العصافير
أنا من بلد حتى حبال الغسيل فيه بتحكي قصص،
ولقّاطات الغسيل بتنقل رسائل الغرام،
ونشر الغسيل إله أصوله مشان ما يقوله عن الست شرنه أو عفشه.
بلد كانت الست تقول:
“لو كانت أسوارتي وقيّة ما لي عن جارتي غنيّة”
بيت الجيران أول باب بيندق لما بيخلص الخبز على غفلة، ولّما ما بيلتقى ليمونة.
بيت الجيران مصدر قالب البوظ بالصيف لما بيجوا الضيوف فجأة والبيت ما فيه بوظ.
ويا محلا صوت المسحر برمضان
وبيت الجيران أول بيت بنزوره بالعيد لناخد أول عيدية…
ويا محلا صوت المرجوحة، والقلابة الخشبية وهي عبتزقزق..
والبيت يلي بيتحمل ولدنتنا وقت ندق على سقّاطته وبنهرب.
ومنرش عتبته بالمي لما بندير الخرطوم لنرش الحارة بالصيف
والبيت يللي بنوقف قدامه لنوصّله سكبة اليوم .. كل مغرب برمضان وان الصحن ما يرجع فاضي.
ببلدي ما فيه قطّة جوعانة
وبكل أرض ديار .. بحرة ونافورة وفّلة ودالية
وكّبادة ونارنجة
وياسمينة عراتلية
بكل مطبخ قطرميز مكدوس وتنكة جبنة ونملّية.
ببلدي ..
كانت ايام الشتا .. ياعيني على أيامها
كانت الصوبا تجمعنا وما ينقطع منا المازوت وكانت أيام الشتا حلوة وما نحس بالبرد ونحن نشوي حبات الكستنا ونسمع طقطقتها الجميلة واجمل من رقصة ستي…
أنا من بلد كنا إذا مرضنا كانت كاسات الهوا تطيّبنا..
وكاسات الشاي يلي عم تتنقل من إيد ﻷيد بجلسة فيها طنة ورنة.. وبتشفي العليل…
كنا ننام على حكايات الجدة ونفيق على صوتها عند الفجر وهي تقرأ القرآن..
ببلدنا الغيرة بتشعل فينا مو بس اذا حدا اطلع أو لطش اختنا .. كل بنات الحارة إخواتنا.
وإذا صار عرس الحارة كلها بتفرح، وفي العزا كلنا حزنانين…
نسيت خبركن ..
أنه بعد كل سيران لازم نتحمم قبل ما نطلع ع التخت ﻷن الشراشف نظيفة ووجه المخدات مغيرين.
وإذا زعلت أمي من شيطنتنا كانت تقيم قيامتنا ..
آه على تلك الأيام، وعلى بلد الحلوين أيام كنا نعبي جيوبنا قضامة وملبس وفستق بفرنكين
بحبك سورية
……………… ..
محمد قرانيا
تعليقات
إرسال تعليق