قصة قصيرة
«رزق العصافير»
مع بزوغ فجر يوم جديد هطل الغيث بغزارة مستمراً بالهطول حتى زوال الشمس وقتها كنت في باب محل رزقي لعيالي إذ غدوت وفي تلك اللحظات التي بدأ الغيث يعلن عن كف غيمته من تجاذب شحناة الهطول صار الطقس مبهجاً ينادي العصافير لتطير من أغصان الأشجار بعد أن مكثت في أول ساعات النهار التي اعتادت فيها التقاط حباة رزقها الذي بطاقته تمد جناحيها مرفرفة في أزقة المدينة ومزقزقة في أسماعٍ تعودت على زقزقاتها كانت الأرض مبتلة ورطبة فالعصافير لا تستطيع التقاط الحبوب وما تسد به رمقها أو تملئ به حواصلها من طعام متناثر هنا وهناك أخذت العصافير تتجمع على اسيجة المباني لتكون قريبة من الأماكن التي اعتادت على الاستطعام فيها كل يوم رفرفت وزقسقت متفائلة وربما داعية الخالق أن يلطف بها وهي في ذلك الحال كنت أنظر اليها متأملاً حالها ومستمتعاً باطلالتها وهي حالة ثانية من تأملاتي إذ كانت الأولى في هطول الغيث من سماء الخالق عند تأملي بحال تلك العصافير كان في ذلك التأمل علامة سؤال عن رزق تلك العصافير وفي الأثناء شاهدت قصاباً يضع كيساً من الخبز اليابس في بدي سيارته كي يطعم الخرفان التي يشتريها لأنها تبقى عنده بعض الأيام تنتظر قدرها المحتوم الذي ينهي مسيرتها الحيوانية في الحياة لتكون رزقاً للادميين كان الكيس مفتوحاً من بعض مقدمته سقطت بعض كسرات الخبز على الأرض دون أن يشعر ذلك القصاب لأنه كان مجهداً ومفتولاً لوضع الكيس في البدي لتلك السيارة الكبيرة الإطارات فحصل إنتقال لرطوبة من الأرض إلى كسرات الخبز اليابسة التي سقطت رفرفت العصافير حول تلك الكسرات وبعد أن ذهب القصاب مباشرةً هبطت العصافير مستمتعة بمداعبة مناقيرها لذلك الرزق وكأنها تشكر العظيم الذي استجاب لدعائها المزقزق في تلك الأجواء...
قلت في نفسي سبحان الله وبحمده فاز الساعون وافلح المتوكلون وابتهل المزقزقون إن صورة رزقي لا تقل عن صورة غيث وعصافير وقصاب وكسرات خبز
رياض رحيم المظلوم
في شتاء عام ١٤٤١ه
2019م
تعليقات
إرسال تعليق