رِياضُ العاشقين
طَلَـعَ البَدرُ على الرَّوضِ بالضِّياء و حيّـا نِسرينَهُ المَيّالا
و على ضِفَّـةِ الغَـديرِ حبيبان سعيدان قَد أطالا اعتِزالا
يُنقِذان الزَّهرَ الغريقَ من الماءِ و لا يألُوانِ عنهُ نِضالا
و رآها تُعارضُ الماءَ بالكَفِّ كما عارَضَ الزُّلالُ الزُّلالا
قال : يا وَيلتا تَنَحّي بَعيداً أنتِ منه و قدْ خَشِيتُ اِتصالا
فَتَسامَتْ تُطيلُ في البَدرِ تحديقاً و قد سَدَّدَتْ إليهِ النِّبالا
قال هلّا جَنَّبْتِهِ أن تُصيبيهِ فَيَنْقَضَّ من عُـلاهُ اِختلالا
و ثَنَتْ عَطفَها عليهِ و مالَتْ ما إنْ سَرى النسيمُ فَمالا
ثمَّ نامَتْ فقالَ : قد نامَتِ الفُتنَةُ لكنَّ فِعْلَها ما زالا
ظَلَّ يُغري بِخَدِّها طَرْفَهُ الثّاقبِ لا يَـوَدُّ عنهُ اِنتِقـالا
و يرى شَعْرَها تُـداعِبُهُ الرّيحُ فَيُحاكي ذُيولَها استِرسالا
و جُفُوناً تَـكادُ أهدابُها تَطْبَعُ في ماءِ خَـدِّها أمـْثالا
جَمَعَ النَّـومُ بينـَها فَتَلاقتْ و كذا النَّـومَ يَجـمَعُ الضّـلّالا
يالعَوبَ القَوامِ و الطّرفِ ما أسْرَعَ أنْ رَضِيتِ سـِيما الكُسالى
نِمْتِ عنّي تَصَنُّعـَاً ثم لمّا النوم أضحى حقيقةً لا خيالا
نِمْتِ عن نَفْسٍ كبيرةٍ واعْتَضْتِ عن الحَذَرِ و الصَّدِّ اِمتِثالا
أنتِ في قَبضَتي و طَوعُ يميني فإذا شِئْتُ نُـلتُ منكِ منالا
غيرَ أنّي إذا هَمَمتُ بكِ انْـحلَّ لِهَولِ المَقامِ عزمي اِنحِلالا
لستُ أدري و أنتِ يقظى و وَسْنى أيُّ حاليكِ لي أقَلُّ نَوالا
أنا من رَهبتي و من عِزَّةِ الحُسنِ أرى جُرأتي عليكِ مُحالا
ياليالي الّلقاء طُولي على الصَّبِ و افْـنِ الشهور و الأحوالا
أنتِ مهما عَلَوتِ في الطولِ قصُرتِ وإن بزَّ طولكِ الأجيالا
سوفَ إنْ زِلْـتِ لا يَخالُكِ إلّا بارِقاً لاحَ في الظّـلامِ و زالا
خَفِّضي ، خَفِّضي خُطـاكِ فإنّ الصَّـبَ غافٍ و أجملي إجمالا
هي كالطّفلِ نامَ بعدَ بُكاءٍ و أرى الخَطْوَ يوقِظُ الأطفالا
إنّها نَومَةٌ كما خَدَّروا المُعتَلَّ حيناً فما أَحَـسَّ اِعتِلالا
أيُّها الوالهون حيّاكُمُ الحُسْنُ و بيّاكُمُ الإلـٰه تعالى
إنْ تكونوا بِنعمَةٍ فاغْنَموها سوفَ يبقى إكثارُها إقْلالا
إنَّ عُمْرَ النَّخـيلِ في رَغْدَةِ العَيشِ كعُمْرِ الزَّهرِ فَاَخْـشَوا زَوالا
لا تَقولوا قد قَصَّرَ النَّحْسُ عنّـا فلياليهِ قد يَجِئْنَ طوالا ...
*********************
تعليقات
إرسال تعليق