★ رتلي ★
رتلي ..
أيَّتُها الصَّبية الحسناء ..
حكايات الطّفولةِ البريئةِ ..
أناشيد الشّتاءِ ..
عطاء مواسم الحصاد ..
رُؤْيَة مَا فِي الشّروق قبيل الصباحِ ..
ورتّلي ..
أوجاع القهر والشَّقاء ..
على قيثار المساءِ ..
خذي شرايين صدري ..
أوردة قلبي ..
أوتاراً ..
خذي دفء النّبضِ وحرارة الدّماءِ ..
فذلك الأفق مشتعل بآهاتِ الرَّحِيلِ والضَّيَاع ..
حرائِقُ حربٍ وركامُ دمَار ..
مجازر قتلٍ وسَحْماء دخان ..
أشلاء أطفال مشوهة تعوي عليها الرِّيح والضِّباع ..
جفافٌ على الأرضِ وفي العيونِ ولمْ يأتِ الغيث بَعد لا ولمْ يَفض النور..
فرتّلي آهٍ يَا حبيبتي التّأوهات الحزينة ..
فالعالمُ والحلمُ حين ترتّلِين يتقاربان أكثر ...
رتّلي أيّتها الصّبية الحسناءُ ..
فإنَّ صوتك يخفّف آلام جراحي التّي غرست فيها الحراب وسيجة بالأشواك..
علقت عليها ذبيحة طيور السّلام ..
الدّماء أنهار تجري نحو بحار من الدّماءِ ..
والأجنحة ممزقة تتقاذفها الأمواجُ إلى مهبِّ الرّيحِ ..
تلقي بِهَا إلى الأصفادِ ..
إلى جثو ركوع العبيد ...
رتّلي أيَّتُهَا الحسناءُ ..
رتلي أناغيم ألحانكِ حين تداعبين القيثارة فمِنهَا الدّواء لِكل داء ..
منكِ الشّفاء ..
رغم انتشار فحِيم الدُّخان ..
وَابل الحطام ..
ويحمُوم النّيران ..
ورغم تنكب المشوار بين كثبان الرَّمال وعلى أفقِ دامسِ الظّلام ..
رتِّلي ..
أيّتها الصَّبية الحسناء ..
أغنيات رائق جمال الإنسَانِيَّة والإنسان ..
شدو البلابل ..
أريج الزّهور ..
عطر الأدواح والخمائل ..
أيْهذهِ الحسناءُ رتّلي ..
صدق المحبَّة واشتعال تأجج الوجد في أتون الفؤاد ..
فلست أدري ..
أباقٍ لي هذا الحُسن الحُسَّان ..
هذا البدر المكتمل الإشراق ..
أدائم هذا الجدول منسابا تمتلىء منه الأقداح خمرة للأرواح ..
أمستمر هذا الوجود على دولاب الحراك ..
أحي أنا لن أموت ما تبدلت عني الأسمال ..
لست أدري ..
إنما الشّاطئ محرابي ..
البحر بعض تسابيحي ..
وفي الأفق البعيد تسرح روحي ..
في الأفق البعيد تهيم نفسي ..
أحاول أنْ أخلق الأملَ الذي يكاد يكون مفقودا ومستحيلا ..
أرنو نحو النور هذا الذي يلوح في عينيك ..
وأسافر بترانيمك الرّائِعة إلى ينبوع ماءٍ يروي عطش السّنينِ العَجْفاءِ ..
أسافر إلى عالمٍ أحسُّ بهِ وإيّاك بالأمانِ والسَّلام ..
أتخيلهُ جنة تليق بالإنسان ..
لكنني ما زلت على قارعةِ ظلمِ وظلمَةِ المدينة ..
ودُرُوب تلوح في ضبابِ كثيفٍ بلا بوصلة أو أصْواء ...
فرتّلي أيَّتها الصَّبية الحسناء ..
رتلي تألق الأسحار واهْتِلال الصَّبَاح ..
هدير البحر ..
أناشيد السَّفر ..
العاصفة تقترب قواصفها ..
ويعلو في المدىٰ الصّهيل ..
فيا أيتها المَلِيحة ذات البهاء ..
رتّلي أغنيات الدِّفء والرَّحيل ..
دفء القلوب حول موقد الشتاء ..
رحيل الحاضر عبر أمواج التّلاشي إلى جزائر الذاكرة على متكئ النعاس..
لكأنَّ حتى الصَّوْت رجع أصداء ..
ورتّلي أشعار المساء ..
فأن هذا الدّربُ دربُ حياتنا التي نحياها يفضي إلى قبر في ضبابِ أفق المساء ..
فإذا ما نفد الزّيت من السِّراج اِنعدم منهُ الضِّيَاء ..
رتّلي أغنيات أفراح ضياءات طلوع الجوناء ..
رَتِّلي أيَّتُهَا الاِمْرَأة الحَسْناء..
حيث تمتلىء الصُّدُور بخمرة الحياة ..
من كؤوس الأثير الرّطب حين تعصر فيها أثمار الصباح النديَّة بِوَجْدِ الشوقِ شرابا تطرب مرتعشة ثملة لها النَّفس ..ِ
رتَّلي أيتها الحسناء الحزين ..
رتّلي آهات قلبي الشّريد ..
فشوق حبي لسماعك كلِّ لحظة من العمر وبلهفة العاشق المحروم يزيد ..
أتعلق فيك أكثر كُلّمَا ذرة ترابٍ من ساعةِ الرّملِ تساقطت ..
فأنتِ الصَّافِيَة بلا عكرة وأنتِ الهناء ..
رتَّلي يَا كلَّ حُبّي يا حواءُ ..
فهذا البحرُ دائمُ العرسِ والنّشيد ..
كنفسي في الإصغاءِ إليك دائمة الفرح والتّسبيح ..
دائمة الشكر لِمَا يفيض منك من أنعم آلاء ..
وهذا الموجُ في هديرِهِ لغة تنطق إعجاز بيانٍ وتوحي أسفار أناشيد ..
تفهمها طيور الشّواطئ ..
تعيها ذوات المحبة على أجنح الصّدق ..
بحر عينيك بلا حدودٍ لأفقِ يَاء ..
تتكشف في أبعادِهِ ما تعجم لِرُؤْيةٍ فائِقةِ الصَّفاءِ ..
حين تهجع النَّفس بعمق التَّأمل بالصَّمت والسَّكون ..
حين تكون المعاناة بركان يضطرم في موقد الغضب ..
وحين تنطفئ المَصَابِيح فليسَ إلّا وَجْهك بهِ يستضاء ..
ألآ رتّلي يا أيتها الحسناء ..
فنظرات عينيك حين ترمق المغيب ..
موسيقىٰ ألحان إبداع وتجديد ..
ومبحرة هي أحداقك لبلاد غير مُحجبة بحدود ..
مبحرة في قارب الأمل بلا انطفاءات نحو تجليات الحبِّ ..
تعانق ضياء الشّمس ونور القمر وتلألأت النّجوم ..
مبحرة هي أحداقك بأجنحة نسائم الحرية في موكب الفراشات والطيور ..
فأرىٰ اِشتعال ذاتي حين أستقبل الأشجار والنهر والبحر ..
أرىٰ أفقي النّورانِيّ القادم من اللانهايات البعيدة ..
يدور مقتربا لوحدة السفر ..
رتّلي أيّتها الصَّبيَّة الحسناء ..
قصائد الوجود ..
وأسرار ما وراء الأشياء ..
فأنا لا أعلم ما لا أعلم ..
وأعلم ما أعلم ..
وأجد قدما لتجلي كلّ سَاطعِ عِلمٍ وحَقّ عرفان ..
ولكن حين تعجزنا المعرفة في الإبحار ..
لن نحطمّ السفن ونغرق في بكماء بكاء ..
نلوذ إلى زوايا تعفن الظلماء ..
ونسقط في هاوية القهقرى والإنتحار ..
رتّلي أيَّتها الحبيبة الحسناء ..
دموع الاِحتراق ..
فلقد كان الهزَّار ينشد مع الرَّيح ..
أنشودة الحياة والدفء والمطر ..
كان الأطفال يغنُّون مع الحصَّادين ..
قبيل المساء البركاني ..
أغاني الخضب ومواويل الحصاد ..
كانت عيونهم صوب التلال والشمس ..
آيات من البراءة والجمال ..
كان لهم بلدا رداءا وطوباء أراضين ..
ثمار كريمة المائدةِ وعين مَاءِ الرَّوَاء ..
يطاردهم الآن الحقد والحيف والوباء وحتف البلاء ..
لكأنهم في السَّفافِيدِ لأتونِ الشواء ..
عبيد لطامِسَة على ملامحهم تدورها لكيفما شاءت العجوز الشمطاء ..
مسلوبو الهوية لأختام أسواق النخاسين ..
وكان ألفُ شيءٍ وألف في وجودنا نحبهُ آهٍ واحتراق ..
رتّلي يا صبيتي الغيداء ..
يا نجمتي السَّاطعة ما في الذّاكرة من ظاهر ودفين ..
فالذاكرة دوما تفيض بقسوة العبرات ..
تاريخ الإنسان متعفن بالأمراض والأحقاد والدِّماء ..
بِمَأفونِ الحربِ ونشرِ الأوباء ..
فهَلْ نطلق لآهات النّحيب العنان ..
فاض الدّمع من مجامر العيون ..
اختلط في حرارة الدَّم وُقُود اشتعال ..
يحدوهُ تراتيل الكفاح ..
وصار علينا أن نشدَّ اليد أكثر للخلاصِ من العُبُودةِ على مقبض الإيمان ..
نتحد أكثر حين نشعر بالإضطهاد يُسعر علينا بِيَحمُوم القهر ..
ونتهادىٰ فيما بيننا أكاليل الغار ..
أن لا بديل عن الاِنتصار ..
صار علينا أن نوقد مشاعل ثورة الإنسان ..
ونجمع الكثير من الزَّيت ..
ولا نسمح للمزيد من اِنْتِشارِ الظلم والظَّلام ..
حرق الحقول وتخريب المَدائِن وإهراق الدّماء ..
هي الشَّجرةُ للكلِّ لا للسَّيطرة ولإحراقها بالنار ..
رتِّلي يا حبيبتي الحسناء ..
فنعم للسلم والسّلام ..
للمحبَّة ..
ولا للكراهيَّةِ والحرب ..
ولكن عندما لا نجد إلَّا النيران تصوب نحونا ..
عندما لا نجد إلّا الحراب تمزق أجسادنا ..
عندما لا نجد إلّا اللصوص تمتص دماءَنا ..
عندما نُجرجر على رقعة الشطرنج قطعان للذبح ..
يصبح الكفاح قدسياً مقدسا ..
يصبح بناء قوتنا واجب ولا أسمىٰ ..
ألآ رتّلي أيّتها الصَّبية الحسناء ..
نداء الأرض ..
فنداءُ الإنسانيَّةِ يجتازُ كلَّ المفازاتِ والدُّرُوب ..
يقطع كُلَّ مسافات السَّفر ..
يصل متعبا بالأنين يستغيث ..
احترق الشجر ..
حبس القطر ..
ردمت منائر الحكمة وصوامع الحب ..
كبّلة أجنحة الإنسان ..
فهيا إيهٍ أيها الفطناء ..
هيا قبل أن تأتي على كلِّ شيء الريح العاتية فليس إلا جرادٍ وجرداء ..
قبل أن يمتد الجفاف على صدر المحقلة فلا خضيلة وخضلاء ..
قبل أن تغلق كل الأبواب والنّوافذ في وَجهِ رحلتنا بِحجرٍ محجُورٍ وقلبٍ مفطور ..
ألا هيا لنداء الإنسان ..
رتّلي ..
يا ابنة الحقول ..
هل سمعت بكاء السَّماء ..
هدير غضب البحر ..
حين اسمعنا الأثير نداء الأرض ..
هي ذي عيوني أهرقت فيها الآلام الدّموع ..
هذا صدري اشتعل بلهيب التشرد ..
صار سهوب تباب ..
صار قلبي نهر يباب ..
وهذا تحدينا ننقشه على صخور الجبال ..
على أجنحة العواصف بنامُورِ الفؤاد ..
ستكسر قيودك أيّتها الأرض ..
تحرق الصلبان ..
صلبان الأسر والتّعذيب والقتل ..
ويعود للغاب صهيله الحر ..
تعود الإنسانية للناس وتهدم أقبية العبيد ..
تلغى خرائط التهجير ومآسِي اللجوء ..
أوهام الدستور وحماقات القوانين ..
ويصير للخطوات ألا يطاردها السجان ..
فهيا يا ابنة الحرية رتّلي ..
أنشودة الشمس ..
أنشودة الدفء من صقيع المنافي لوطن الإنسان ..
وأجمعي أشياءنا ..
أحضري الخيمة البائسة ..
فهنالك على مقربة من مواقد النيّران المحمومة سأنصبها على كل حدود وسياج ..
بلا خوف من الفيضان والغرق وغضب البركان ..
فلست أخشى الرَّيح العاتية وجُيُوش التعصب والطغيان ..
عيناك سراجاً ينير دروب الحرَّيَّة والسلام ..
روحك عقيدة المحبة والجمال ..
قلبك منهُ العزم لبدء هبوب رياح حقيقة التبديل ..
غضب يلوح على أهداب عينيك لا حماقة فيه لبدء المسير ..
لبدء أنْ يُعلن كلٌّ هُو الإنسان ..
رتّلي ..
يا ابنة الجبال النداء ..
كرهت التَّواري في الظلمة والعبوديّة والأسر ..
كرهت الهروب بلا جدوى ..
كرهت صراعات الحمقى ..
واشتقت رُوحِي لينابيع الحُرِّيَّة ..
لعطر المحبة ..
لفيض حوض الحكمة ..
لعناق مجد السّلام ..
فهيا أجمعي أشياءنا ..
فاليوم قبيل الفجر يبدأ الرحيل ..
رتّلي يا امرأتي الحسناء ..
يا سيدة المنافي ..
نشيد الكفاح ..
أحزمي أشياءنا فلن نبقى ها هنا ..
ندور حول الشجرة وليس لنا منها ثمرة ..
عاريان عَنِ ٱلمَعْرِفةِ بلا رداء أجنحة ..
ألآ لنا التمرد والاِخْتِيَار ..
كذا لن نبقى مختبئانِ في الجُحُور ..
نلهث على الأرصفة ..
نتوارى في الظلام ..
أعلم بأنّ القيود مرهقة..
بأنَّ القيود مأساة ..
وأعلم أنَّ للدمع حرقة ..
وللحرقة ألم ..
ستشفى الجراح الخضراء ..
سيزول هذا الظَّلام المعربد ..
من صبرك البلسم ..
ومن عينيك تولد النجوم ..
فجفِّفي دموع الحزن والشقاء ..
لن يطول الوقت على عصف الغبار ..
سيهطل المطر بلطائِفِ القطر ..
ويفرح بمواسمِ الحصادِ والعطاءِ المُتعبُون ..
فأعيدي للبحرِ أمواجه ..
للتلال راياتها ..
للجداول والأنهار ماءها ..
للشواطئ طيورها ..
وللتراتيل إشراقها ..
فهذا اليوم رغم اختناقه المقيت ..
ورغم ما فيه من حصار يتلو حصار ..
عيد تزغرد فيه الشّمس ..
في ليلة عرس تحتفل فيه الكواكب والنجوم بقدوم الفجر ..
فهيا جفِّفي الدّمع ..
لا وقت للبكاء والنحيب ..
ستأتي أسراب النوارس عمَّا قريب ..
تعلن بدء الحرية ..
لا سلاسل تبعيّة لا ولا قيود ..
جفِّفي الدَّمع ..
وهيَّا نتوّج التّرانيم بفرحةِ علوِّ الصَّهيل ..
بفرحة ارتفاع كلمة ٱلإِنْسِيَّة شامخة تسمو فوق الجبال والنّجوم ..
بالمجد الأبديِّ ..
فهيَّا للرَّحيل ..
نحو الحقّ والاِنعتاق ..
وهيَّا رتّلي أيَّتها الصّبيَّة الحسناء ..
نشيد البناء ..
لأجل أن تصير الأرض بيتاً للإنسان ..
بيتاً لا يقبل الظالمين والدَّمار ..
ولأجل أن يعم العدل والسَّلام ..
ويكون للحياة الحب والحرية ..
ألآ أيهذِهِ الصّبيّة الحسناء ..
رتلي ..
حكايات الطفولة البريئة وألحان فتوة الشباب..
أناشيد الشتاء ..
ورتلي التأوهات الحزينة على قيثار المساء ..
فالعالم والحلم حين ترتلين يتقاربان أكثر .. .
من كتاب سفر بلا عنوان
للمهندس فتحي الخريشا ( آدم )
رتلي ..
أيَّتُها الصَّبية الحسناء ..
حكايات الطّفولةِ البريئةِ ..
أناشيد الشّتاءِ ..
عطاء مواسم الحصاد ..
رُؤْيَة مَا فِي الشّروق قبيل الصباحِ ..
ورتّلي ..
أوجاع القهر والشَّقاء ..
على قيثار المساءِ ..
خذي شرايين صدري ..
أوردة قلبي ..
أوتاراً ..
خذي دفء النّبضِ وحرارة الدّماءِ ..
فذلك الأفق مشتعل بآهاتِ الرَّحِيلِ والضَّيَاع ..
حرائِقُ حربٍ وركامُ دمَار ..
مجازر قتلٍ وسَحْماء دخان ..
أشلاء أطفال مشوهة تعوي عليها الرِّيح والضِّباع ..
جفافٌ على الأرضِ وفي العيونِ ولمْ يأتِ الغيث بَعد لا ولمْ يَفض النور..
فرتّلي آهٍ يَا حبيبتي التّأوهات الحزينة ..
فالعالمُ والحلمُ حين ترتّلِين يتقاربان أكثر ...
رتّلي أيّتها الصّبية الحسناءُ ..
فإنَّ صوتك يخفّف آلام جراحي التّي غرست فيها الحراب وسيجة بالأشواك..
علقت عليها ذبيحة طيور السّلام ..
الدّماء أنهار تجري نحو بحار من الدّماءِ ..
والأجنحة ممزقة تتقاذفها الأمواجُ إلى مهبِّ الرّيحِ ..
تلقي بِهَا إلى الأصفادِ ..
إلى جثو ركوع العبيد ...
رتّلي أيَّتُهَا الحسناءُ ..
رتلي أناغيم ألحانكِ حين تداعبين القيثارة فمِنهَا الدّواء لِكل داء ..
منكِ الشّفاء ..
رغم انتشار فحِيم الدُّخان ..
وَابل الحطام ..
ويحمُوم النّيران ..
ورغم تنكب المشوار بين كثبان الرَّمال وعلى أفقِ دامسِ الظّلام ..
رتِّلي ..
أيّتها الصَّبية الحسناء ..
أغنيات رائق جمال الإنسَانِيَّة والإنسان ..
شدو البلابل ..
أريج الزّهور ..
عطر الأدواح والخمائل ..
أيْهذهِ الحسناءُ رتّلي ..
صدق المحبَّة واشتعال تأجج الوجد في أتون الفؤاد ..
فلست أدري ..
أباقٍ لي هذا الحُسن الحُسَّان ..
هذا البدر المكتمل الإشراق ..
أدائم هذا الجدول منسابا تمتلىء منه الأقداح خمرة للأرواح ..
أمستمر هذا الوجود على دولاب الحراك ..
أحي أنا لن أموت ما تبدلت عني الأسمال ..
لست أدري ..
إنما الشّاطئ محرابي ..
البحر بعض تسابيحي ..
وفي الأفق البعيد تسرح روحي ..
في الأفق البعيد تهيم نفسي ..
أحاول أنْ أخلق الأملَ الذي يكاد يكون مفقودا ومستحيلا ..
أرنو نحو النور هذا الذي يلوح في عينيك ..
وأسافر بترانيمك الرّائِعة إلى ينبوع ماءٍ يروي عطش السّنينِ العَجْفاءِ ..
أسافر إلى عالمٍ أحسُّ بهِ وإيّاك بالأمانِ والسَّلام ..
أتخيلهُ جنة تليق بالإنسان ..
لكنني ما زلت على قارعةِ ظلمِ وظلمَةِ المدينة ..
ودُرُوب تلوح في ضبابِ كثيفٍ بلا بوصلة أو أصْواء ...
فرتّلي أيَّتها الصَّبية الحسناء ..
رتلي تألق الأسحار واهْتِلال الصَّبَاح ..
هدير البحر ..
أناشيد السَّفر ..
العاصفة تقترب قواصفها ..
ويعلو في المدىٰ الصّهيل ..
فيا أيتها المَلِيحة ذات البهاء ..
رتّلي أغنيات الدِّفء والرَّحيل ..
دفء القلوب حول موقد الشتاء ..
رحيل الحاضر عبر أمواج التّلاشي إلى جزائر الذاكرة على متكئ النعاس..
لكأنَّ حتى الصَّوْت رجع أصداء ..
ورتّلي أشعار المساء ..
فأن هذا الدّربُ دربُ حياتنا التي نحياها يفضي إلى قبر في ضبابِ أفق المساء ..
فإذا ما نفد الزّيت من السِّراج اِنعدم منهُ الضِّيَاء ..
رتّلي أغنيات أفراح ضياءات طلوع الجوناء ..
رَتِّلي أيَّتُهَا الاِمْرَأة الحَسْناء..
حيث تمتلىء الصُّدُور بخمرة الحياة ..
من كؤوس الأثير الرّطب حين تعصر فيها أثمار الصباح النديَّة بِوَجْدِ الشوقِ شرابا تطرب مرتعشة ثملة لها النَّفس ..ِ
رتَّلي أيتها الحسناء الحزين ..
رتّلي آهات قلبي الشّريد ..
فشوق حبي لسماعك كلِّ لحظة من العمر وبلهفة العاشق المحروم يزيد ..
أتعلق فيك أكثر كُلّمَا ذرة ترابٍ من ساعةِ الرّملِ تساقطت ..
فأنتِ الصَّافِيَة بلا عكرة وأنتِ الهناء ..
رتَّلي يَا كلَّ حُبّي يا حواءُ ..
فهذا البحرُ دائمُ العرسِ والنّشيد ..
كنفسي في الإصغاءِ إليك دائمة الفرح والتّسبيح ..
دائمة الشكر لِمَا يفيض منك من أنعم آلاء ..
وهذا الموجُ في هديرِهِ لغة تنطق إعجاز بيانٍ وتوحي أسفار أناشيد ..
تفهمها طيور الشّواطئ ..
تعيها ذوات المحبة على أجنح الصّدق ..
بحر عينيك بلا حدودٍ لأفقِ يَاء ..
تتكشف في أبعادِهِ ما تعجم لِرُؤْيةٍ فائِقةِ الصَّفاءِ ..
حين تهجع النَّفس بعمق التَّأمل بالصَّمت والسَّكون ..
حين تكون المعاناة بركان يضطرم في موقد الغضب ..
وحين تنطفئ المَصَابِيح فليسَ إلّا وَجْهك بهِ يستضاء ..
ألآ رتّلي يا أيتها الحسناء ..
فنظرات عينيك حين ترمق المغيب ..
موسيقىٰ ألحان إبداع وتجديد ..
ومبحرة هي أحداقك لبلاد غير مُحجبة بحدود ..
مبحرة في قارب الأمل بلا انطفاءات نحو تجليات الحبِّ ..
تعانق ضياء الشّمس ونور القمر وتلألأت النّجوم ..
مبحرة هي أحداقك بأجنحة نسائم الحرية في موكب الفراشات والطيور ..
فأرىٰ اِشتعال ذاتي حين أستقبل الأشجار والنهر والبحر ..
أرىٰ أفقي النّورانِيّ القادم من اللانهايات البعيدة ..
يدور مقتربا لوحدة السفر ..
رتّلي أيّتها الصَّبيَّة الحسناء ..
قصائد الوجود ..
وأسرار ما وراء الأشياء ..
فأنا لا أعلم ما لا أعلم ..
وأعلم ما أعلم ..
وأجد قدما لتجلي كلّ سَاطعِ عِلمٍ وحَقّ عرفان ..
ولكن حين تعجزنا المعرفة في الإبحار ..
لن نحطمّ السفن ونغرق في بكماء بكاء ..
نلوذ إلى زوايا تعفن الظلماء ..
ونسقط في هاوية القهقرى والإنتحار ..
رتّلي أيَّتها الحبيبة الحسناء ..
دموع الاِحتراق ..
فلقد كان الهزَّار ينشد مع الرَّيح ..
أنشودة الحياة والدفء والمطر ..
كان الأطفال يغنُّون مع الحصَّادين ..
قبيل المساء البركاني ..
أغاني الخضب ومواويل الحصاد ..
كانت عيونهم صوب التلال والشمس ..
آيات من البراءة والجمال ..
كان لهم بلدا رداءا وطوباء أراضين ..
ثمار كريمة المائدةِ وعين مَاءِ الرَّوَاء ..
يطاردهم الآن الحقد والحيف والوباء وحتف البلاء ..
لكأنهم في السَّفافِيدِ لأتونِ الشواء ..
عبيد لطامِسَة على ملامحهم تدورها لكيفما شاءت العجوز الشمطاء ..
مسلوبو الهوية لأختام أسواق النخاسين ..
وكان ألفُ شيءٍ وألف في وجودنا نحبهُ آهٍ واحتراق ..
رتّلي يا صبيتي الغيداء ..
يا نجمتي السَّاطعة ما في الذّاكرة من ظاهر ودفين ..
فالذاكرة دوما تفيض بقسوة العبرات ..
تاريخ الإنسان متعفن بالأمراض والأحقاد والدِّماء ..
بِمَأفونِ الحربِ ونشرِ الأوباء ..
فهَلْ نطلق لآهات النّحيب العنان ..
فاض الدّمع من مجامر العيون ..
اختلط في حرارة الدَّم وُقُود اشتعال ..
يحدوهُ تراتيل الكفاح ..
وصار علينا أن نشدَّ اليد أكثر للخلاصِ من العُبُودةِ على مقبض الإيمان ..
نتحد أكثر حين نشعر بالإضطهاد يُسعر علينا بِيَحمُوم القهر ..
ونتهادىٰ فيما بيننا أكاليل الغار ..
أن لا بديل عن الاِنتصار ..
صار علينا أن نوقد مشاعل ثورة الإنسان ..
ونجمع الكثير من الزَّيت ..
ولا نسمح للمزيد من اِنْتِشارِ الظلم والظَّلام ..
حرق الحقول وتخريب المَدائِن وإهراق الدّماء ..
هي الشَّجرةُ للكلِّ لا للسَّيطرة ولإحراقها بالنار ..
رتِّلي يا حبيبتي الحسناء ..
فنعم للسلم والسّلام ..
للمحبَّة ..
ولا للكراهيَّةِ والحرب ..
ولكن عندما لا نجد إلَّا النيران تصوب نحونا ..
عندما لا نجد إلّا الحراب تمزق أجسادنا ..
عندما لا نجد إلّا اللصوص تمتص دماءَنا ..
عندما نُجرجر على رقعة الشطرنج قطعان للذبح ..
يصبح الكفاح قدسياً مقدسا ..
يصبح بناء قوتنا واجب ولا أسمىٰ ..
ألآ رتّلي أيّتها الصَّبية الحسناء ..
نداء الأرض ..
فنداءُ الإنسانيَّةِ يجتازُ كلَّ المفازاتِ والدُّرُوب ..
يقطع كُلَّ مسافات السَّفر ..
يصل متعبا بالأنين يستغيث ..
احترق الشجر ..
حبس القطر ..
ردمت منائر الحكمة وصوامع الحب ..
كبّلة أجنحة الإنسان ..
فهيا إيهٍ أيها الفطناء ..
هيا قبل أن تأتي على كلِّ شيء الريح العاتية فليس إلا جرادٍ وجرداء ..
قبل أن يمتد الجفاف على صدر المحقلة فلا خضيلة وخضلاء ..
قبل أن تغلق كل الأبواب والنّوافذ في وَجهِ رحلتنا بِحجرٍ محجُورٍ وقلبٍ مفطور ..
ألا هيا لنداء الإنسان ..
رتّلي ..
يا ابنة الحقول ..
هل سمعت بكاء السَّماء ..
هدير غضب البحر ..
حين اسمعنا الأثير نداء الأرض ..
هي ذي عيوني أهرقت فيها الآلام الدّموع ..
هذا صدري اشتعل بلهيب التشرد ..
صار سهوب تباب ..
صار قلبي نهر يباب ..
وهذا تحدينا ننقشه على صخور الجبال ..
على أجنحة العواصف بنامُورِ الفؤاد ..
ستكسر قيودك أيّتها الأرض ..
تحرق الصلبان ..
صلبان الأسر والتّعذيب والقتل ..
ويعود للغاب صهيله الحر ..
تعود الإنسانية للناس وتهدم أقبية العبيد ..
تلغى خرائط التهجير ومآسِي اللجوء ..
أوهام الدستور وحماقات القوانين ..
ويصير للخطوات ألا يطاردها السجان ..
فهيا يا ابنة الحرية رتّلي ..
أنشودة الشمس ..
أنشودة الدفء من صقيع المنافي لوطن الإنسان ..
وأجمعي أشياءنا ..
أحضري الخيمة البائسة ..
فهنالك على مقربة من مواقد النيّران المحمومة سأنصبها على كل حدود وسياج ..
بلا خوف من الفيضان والغرق وغضب البركان ..
فلست أخشى الرَّيح العاتية وجُيُوش التعصب والطغيان ..
عيناك سراجاً ينير دروب الحرَّيَّة والسلام ..
روحك عقيدة المحبة والجمال ..
قلبك منهُ العزم لبدء هبوب رياح حقيقة التبديل ..
غضب يلوح على أهداب عينيك لا حماقة فيه لبدء المسير ..
لبدء أنْ يُعلن كلٌّ هُو الإنسان ..
رتّلي ..
يا ابنة الجبال النداء ..
كرهت التَّواري في الظلمة والعبوديّة والأسر ..
كرهت الهروب بلا جدوى ..
كرهت صراعات الحمقى ..
واشتقت رُوحِي لينابيع الحُرِّيَّة ..
لعطر المحبة ..
لفيض حوض الحكمة ..
لعناق مجد السّلام ..
فهيا أجمعي أشياءنا ..
فاليوم قبيل الفجر يبدأ الرحيل ..
رتّلي يا امرأتي الحسناء ..
يا سيدة المنافي ..
نشيد الكفاح ..
أحزمي أشياءنا فلن نبقى ها هنا ..
ندور حول الشجرة وليس لنا منها ثمرة ..
عاريان عَنِ ٱلمَعْرِفةِ بلا رداء أجنحة ..
ألآ لنا التمرد والاِخْتِيَار ..
كذا لن نبقى مختبئانِ في الجُحُور ..
نلهث على الأرصفة ..
نتوارى في الظلام ..
أعلم بأنّ القيود مرهقة..
بأنَّ القيود مأساة ..
وأعلم أنَّ للدمع حرقة ..
وللحرقة ألم ..
ستشفى الجراح الخضراء ..
سيزول هذا الظَّلام المعربد ..
من صبرك البلسم ..
ومن عينيك تولد النجوم ..
فجفِّفي دموع الحزن والشقاء ..
لن يطول الوقت على عصف الغبار ..
سيهطل المطر بلطائِفِ القطر ..
ويفرح بمواسمِ الحصادِ والعطاءِ المُتعبُون ..
فأعيدي للبحرِ أمواجه ..
للتلال راياتها ..
للجداول والأنهار ماءها ..
للشواطئ طيورها ..
وللتراتيل إشراقها ..
فهذا اليوم رغم اختناقه المقيت ..
ورغم ما فيه من حصار يتلو حصار ..
عيد تزغرد فيه الشّمس ..
في ليلة عرس تحتفل فيه الكواكب والنجوم بقدوم الفجر ..
فهيا جفِّفي الدّمع ..
لا وقت للبكاء والنحيب ..
ستأتي أسراب النوارس عمَّا قريب ..
تعلن بدء الحرية ..
لا سلاسل تبعيّة لا ولا قيود ..
جفِّفي الدَّمع ..
وهيَّا نتوّج التّرانيم بفرحةِ علوِّ الصَّهيل ..
بفرحة ارتفاع كلمة ٱلإِنْسِيَّة شامخة تسمو فوق الجبال والنّجوم ..
بالمجد الأبديِّ ..
فهيَّا للرَّحيل ..
نحو الحقّ والاِنعتاق ..
وهيَّا رتّلي أيَّتها الصّبيَّة الحسناء ..
نشيد البناء ..
لأجل أن تصير الأرض بيتاً للإنسان ..
بيتاً لا يقبل الظالمين والدَّمار ..
ولأجل أن يعم العدل والسَّلام ..
ويكون للحياة الحب والحرية ..
ألآ أيهذِهِ الصّبيّة الحسناء ..
رتلي ..
حكايات الطفولة البريئة وألحان فتوة الشباب..
أناشيد الشتاء ..
ورتلي التأوهات الحزينة على قيثار المساء ..
فالعالم والحلم حين ترتلين يتقاربان أكثر .. .
من كتاب سفر بلا عنوان
للمهندس فتحي الخريشا ( آدم )
ررائعة قصيدة من أروع القصائد المعبرة والمليئه بالحكمة والإبداع باستخدام الصور التشبيهية تحياتي للكاتب المهندس فتحي الخريشا
ردحذفررائعة قصيدة من أروع القصائد المعبرة والمليئه بالحكمة والإبداع باستخدام الصور التشبيهية تحياتي للكاتب المهندس فتحي الخريشا
ردحذف